خبراء أمريكيون: التخلي عن الاستعراض الدوري الشامل يضر بالديمقراطية والأمن القومي
خبراء أمريكيون: التخلي عن الاستعراض الدوري الشامل يضر بالديمقراطية والأمن القومي
انسحبت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من المشاركة في الاستعراض الدوري الشامل، الآلية الرئيسية التابعة لمجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، في خطوة وصفتها ثلاث خبيرات أمريكيات بأنها "انتكاسة خطيرة" تضعف الديمقراطية الأمريكية وتعرض الأمن القومي والمصالح الاقتصادية للخطر.
وفق ما أوردته وكالة الأنباء الألمانية الخميس التحليل، الذي نشره مجلس العلاقات الخارجية، أعدته كاثرين باول، الزميلة الأولى في المجلس والمديرة السابقة لحقوق الإنسان بمجلس الأمن القومي، وديزيريه كورمييه سميث، الممثلة الخاصة السابقة للمساواة والعدالة العرقية، وبيث فان شاك، السفيرة السابقة للعدالة الجنائية العالمية.
الخبيرات أكدن أن القرار، الذي اتخذ في أغسطس، لم يحظَ بتغطية إعلامية واسعة في الداخل، رغم أنه يستحق الاهتمام، لأنه يوجّه رسالة بأن الولايات المتحدة تضع نفسها فوق المساءلة الدولية، ورغم أن الخطوة قد تبدو منسجمة مع أجندة "أمريكا أولا"، إلا أنها في الواقع تقوض النفوذ الأمريكي في الخارج وتمنح الأنظمة الاستبدادية فرصة لتوسيع نفوذها.
حقوق الإنسان والمصالح الأمريكية
ورأت الخبيرات أن الولايات المتحدة لم تكن يوما مثالية في إعطاء الأولوية لحقوق الإنسان، لكنها ظلت تعتبرها جزءا من مصالحها الاستراتيجية، إذ تسهم حماية الحقوق في استقرار المجتمعات وفتح الأسواق وحماية الأمريكيين في الخارج وتقليل الهجرة القسرية.
وعلى العكس، فإن إضعاف المنظومة الدولية لحقوق الإنسان يؤدي إلى الفقر، وانعدام الاستقرار، وتصاعد الإرهاب والنزاعات، وكلها تهديدات مباشرة للأمن القومي الأمريكي.
منذ تأسيس الأمم المتحدة، لعبت واشنطن دورا رئيسيا في صياغة نظام حقوق الإنسان العالمي، بدءا من قيادة إليانور روزفلت لصياغة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1947، وصولا إلى المشاركة في كل قرارات مجلس حقوق الإنسان، لكن انسحاب إدارة ترامب من المجلس في وقت سابق، ثم من "الاستعراض الدوري الشامل"، يضع هذا الإرث موضع تهديد.
فعالية الآلية الأممية
الاستعراض الدوري الشامل، بحسب الخبيرات، آلية أثبتت فعاليتها، حيث تبنت الدول 76% من التوصيات الصادرة عنها منذ إنشائها عام 2006، ورغم أنها غير ملزمة، فإنها تضع معايير لسلوك الدول وتوفر مساحة للمجتمع المدني والضحايا للمطالبة بالمحاسبة، الولايات المتحدة شاركت في كل جولات الاستعراض السابقة، حتى في ولاية الرئيس ترامب الأولى، حيث شددت آنذاك على مبدأ "القيادة بالقدوة".
وحذّرت الخبيرات من أن انسحاب إدارة الرئيس دونالد ترامب يقوض مصداقية واشنطن حين تنتقد انتهاكات حقوق الإنسان في دول أخرى، ويمنح الحكومات القمعية غطاء لتبرير تجاوزاتها، ودعين قادة المستقبل في الولايات المتحدة إلى العودة مجددا للمشاركة في الاستعراض الدوري الشامل وإعادة تأكيد التزام واشنطن بحقوق الإنسان كقيمة استراتيجية وأداة لتعزيز الاستقرار العالمي.
الاستعراض الدوري الشامل هو عملية أممية أنشئت عام 2006 مع تأسيس مجلس حقوق الإنسان، تلزم الآلية جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بالخضوع لمراجعة دورية لسجلها في مجال حقوق الإنسان، عبر تقديم تقارير وطنية، وجلسات استماع علنية، وتوصيات لتحسين الأداء. وتُعتبر هذه العملية واحدة من أكثر أدوات المجلس شمولية وشفافية، إذ تمنح المجتمع الدولي فرصة لتقييم التزامات الدول ومساءلتها بانتظام.